البحث
  كل الكلمات
  العبارة كما هي
مجال البحث
بحث في القصائد
بحث في شروح الأبيات
بحث في الشعراء
القصائد
قائمة القصائد
مناسبة القصيدة : فقدت في ايامك العلماء


اللزومية السادسة عشرة حسب شروح لزوم ما لا يلزم : عدد الأبيات (41) المخلوقات عبيد الله: (1) الهمزة المضمومة مع الميم والخفيف الأول: (2) وكان المرحوم عبد الوهاب عزام قد تناول نشرة الدكتور طه حسين والأنباري بالنقد فور صدورها في مقالتين نشرتا في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق ( المجلد 30ج3 /1955م-1374هـ، والمجلد31 ج3/1956م-1375هـ ) ويظهر من كلامه أنه لم يطلع على شرح البطليوسي لما اختاره من اللزوميات لأن نقده خلا من الإشارة إلى ما نقله طه حسين حرفيا من كلام البطليوسي في كل ما شرح من اللزوميات ولم ينسبه إليه وقد ارتأينا أن ننشر كلام عزام في هامش كل بيت تناول فيه نشرة طه حسين والأنباري بالنقد (ونشير هنا إلى أننا نشرنا مقدمة نقده كاملة في شرح اللزومية السادسة) والأبيات التي نقدها بهذه اللزومية(4،9،15،29،37): فالهلالُ المنيفُ والبدرُ والفَرْ=قَدُ والصُّبح والثّرى والماءُ# وَأَحاديثُ حَبَّرْتها غُواةٌ=وَاِفتَرَتها لِلمَكسِبِ القُدَماءُ# وَأَرى الأَربَعَ الغَرائِزَ فينا=وَهيَ في جُثَّةِ الفَتى خُصَماءُ# وَالبَهارُ الشَميمُ تَحميهِ مِن وَط=ءِ مُعاديكَ أَرنَبٌ شَمّاءُ# تَلتَقي في الصَعيدِ أُمٌّ وَبِنتٌ=وَتَساوى القَرناءُ وَالجَمّاءُ# وهي إحدى اللزوميات التي اختارها وشرحها البطليوسي (3) /تحقيق الدكتور حامد عبد المجيد رقم /3/ص61. وهي فيه ٣٩ بيتا بنقص البيتين (21، 25). ويستوقفنا في نشرة د. طه حسين والأبياري أنهما ينقلان كلام البطليوسي من غير أن ينسباه إليه في كل اللزوميات التي شرحها وهي القطعة السادسة عشرة حسب ما أورده الدكتور طه حسين في كتابه "صوت أبي العلاء" ص46 وهو كتاب يتضمن شرح خمسين لزومية، نشرت لأول مرة عام ١٩٤٤ : منها ٣٦ لزومية مما قافيته همزة وألف، والباقي من قافية الباء وكل ذلك أدرج ضمن نشرته لشرح اللزوميات لاحقا عام ١٩٥٥م، وقال في شرحه للزومية: إيه أيها المتفكِّر المتفهِّم والباحث المستبصر. لقد قُضي عليك أن تعيش في عصر ظهر فيه الجهل، وخَفي فيه العلم، وعمّ دهماءه الحمق، واشتمل على أهله الجمود. سبحانك اللهم، بك آمنت، ولك أذعنت، لك العبيد والإماء، من رجال ونساء، لك الأرض والسماء، والهواء والماء، لك النجوم الطالعة، والكواكب الساطعة. قل ما شئت من ذلك لا يعبك بقوله حكيم، ولا ينكره عليك فيلسوف. ثم دعني أستغفر الله وأتضرَّع إليه؛ فقد انقضت عني مدتي وأسلمتني أيام إلى الحَيْن. دعني أفرغ لما أنا فيه من خلوةٍ إلى نفسي وعنايةٍ بأمري. فإنما نحن في أيام كثُرت فيها الأسماء، وقلّ فيها الغَناء. يذكرون الكرم والجود، والحق والفضيلة، والخير والبر، وإنما هي ألفاظ تلفظها الأفواه وتلتقفها الرياح. يروون الحكمة والعظة، ويأثِرون النصيحة والهدى، ويدرسون العلم والشريعة، وإنما هي أكاذيب الرواة، وأحاديث الغواة، وأفانين من التجارة اخترعها القدماء، يكسِبون بها عيشهم، ويشترون بها ثمناً قليلاً. دعني أفرغ لما أنا فيه؛ فقد كَذَبتني الأماني، وتكشفت لي الآمال عن باطلها، وظهرت لعيني الحقائق واضحة، ولكنها بشعة المنظر مُرَّة المذاق. هل ترى هذه الشهب اللامعة إلا شباكاً قد أعدها الدهر يلقيها على العالم فيصطاد بها فرائسه. أوَما تُبصرُ كَمْ ترك الردى في الناس من الأفاعيل: كيف فرق بين الأصهار والأحْماء، وكيف باعد بين الآباء والأبناء. عجباً للقضاء المحتوم والقدر المكتوب. لقد مضيا على الخلق لا يردهما راد ولا يدفعهما دافع، حتى أصبح الأمل معهما حمقاً، واليأس بين يديهما حزماً. أيتها العصماء المكنونة، والحسناء المصونة، لا يخدعنَّك جمالك الخلَّاب للعقول الفتَّان للألباب. لا يخدعنَّك لحظك الفاتر، ولفظك الساحر. لا يخدعنَّك خدك الأسيل، وخصرك النحيل. لا يخدعنَّك وجهك الذي تباهين به ضوء النهار، وشعرك الذي تبارين به فحمة الليل؛ فكل ذلك إلى زوال. إنما بَدْرُك إلى أفول، وزهرك إلى ذبول، وجمالك الفاتن إلى فناء. ارتقبي ذلك اليوم الذي سيصوِّب إليك من الحِمام سهماً لا يطيش، ونصلاً لا يخطئ، ورمية لا يحميك منها معقل ولا حصن. خذي مكان العصماء من رأس الجبل، فإن الموت لَاحِقُك لا محالة، ونازلٌ بك من غير ريب. أنَّى يكون الخلود أو يقدَّر البقاء لجسم ما أرى حياته وصحته إلا رهناً باتفاق غرائزه، ووقفاً على التئام طبائعه؛ فهو صحيح إن استوين، وعليلٌ إن التوين. أذعن أيها الإنسان لحكم الزمان، لا تناقشه حساباً، ولا تسأله ثواباً، ولا تطلب منه لشيء علة، ولا ترجُ منه لسؤال جواباً. إنما الزمان أعمى لا يبصر، وأصم لا يسمع، وأحمق لا يعقل، وأعجم لا ينطق. ألا وإن حُكْم العجماوات أن جناياتها مُهْدَرة، وجرائمها مغتفرة. ألا وإن دنياك نهار وليل، لا تثبت على حال، فهي كالحية الرقطاء، ربما تعجبك ألوانها ولكن في نابها السم الزعاف. ألا وإن الناس بالموت مَدِينون، ولا بد لهذا الدَّين من وفاء، ولهذا القرض من قضاء. والموت غريم لا يسهل رده ولا يمكن الإلواء عليه. ألا وإن الزمان قد قسم الحظوظ بين الناس، فأساء القسمة، لم يراعِ في ذلك عدلاً ولم يتبع قاعدة؛ فأمات بالظمأ كعب بن مامة، وروى بنمير الماء بعده الكثيرين. لا تلتمس لشيء علة، ولا تطلب لموجود سبباً؛ فذلك شيء قد عُمِّيَ عليك أمره، وحُجِبَ عنك سره. وانقسم العالم منذ كان إلى حيوان نام ٍحساس، ونبات ينمو ولا يحس، وجماد قد حُرِمَ الحس والنمو معاً. وما أعرف لهذا الجسم الذي رزق القوتين، وظفر بالفضيلتين، نافلة من فضل تؤثره بالحياة والحركة، وتختصه بالحس والنمو دون الآخرين. ما أجهل الناسَ، وما أضلَّ عقولهم، وما أغفلهم عن العواقب، وأعماهم عن مستقبل الأمور. لو أنهم عرفوا حياتهم حق المعرفة وبلوها حق البلاء لهانت عليهم ولصغرت في عيونهم، فلم يغتَلْ فيها بعضهم بعضاً، ولو أنهم إذ كبَّروا منها صغيراً، وعظَّموا من أمرها حقيراً، وفرضوا لأنفسهم حساباً تظهر فيه سيئاتهم وحسناتهم، وتبدو فيه نقائصهم وفضائلهم، ويلقى بعده كل امرئ نتيجة عمله خيراً أو شرّاً. لو أنهم إذ فعلوا هذا كله خافوا الحساب الذي فرضوه، والميعاد الذي انتظروه؛ لما سفكوا بينهم من الدماء ما يجاري الماء؛ ولكنها طبائع بلهاء، لا تعرف للحق طريقاً، ولا تسلك إلى الهدى سبيلا. سلني عن أحق الناس بالرحمة وأولاهم بالرفق والرأفة، أُجبك بأنهم أولئك الذين نشأوا راحمين للضعيف عاطفين على البائسين، ثم تنكرت لهم الأيام، وأرهقتهم من أمرهم عسراً. هذه أخلاقنا، وتلك خِلالنا، ما أحمد فيها خُلقاً ولا أرضى منها خَلَّة، ونحن بعد ذلك بأنفسنا مُعْجَبون، وبأخلاقنا مفتونون، نغضب من مقالة الحق، ونحقد على صادق رمانا بخسة الأصل ولؤم الطبع. نعم، نحن أخساء لؤماء. وأنت أيها الأب الذي سمته التواريخ آدم فغلَّبت على لونك السواد، وَسَمَّتْ زوجك حواء فجعلت لونها مشوباً بحمرة، لقد ائتلف منكما مزاج جُمِعَ فيه الخير والشر، ولكن الشر عليه غالب، والسوء فيه موفور. كُفوا أيها الناس من غُلَوائكم، وخففوا من غروركم؛ فإنما أنتم للأيام أغراض غير موموقة، وأهداف غير مرحومة، ولعمري لن تشفق عليكم الأيام إلا إذا أشفقت الرحا على ما تطحن من حَب، ولن ترثي لكم السنون إلا إذا رثت الأرض لما تضم من الأشلاء. ولكني ما أرى لكم من الذكاء حظًّا، وما أعرف بين عقلائكم وبين بُلْه الحيوان فرقاً، سواءً منكم ذو العقل الراجح والرأي الصائب. ما أجد رجحان أحلامكم وصواب آرائكم يزن خفة أحلام الطير في الهواء، والسمك في الماء. أفيقوا أيها الناس واستبصروا؛ فإنما أنتم للأيام هُزْأَةٌ، وللزمان ضُحْكَةٌ، وللحوادث مستذَلون. أرأيتم إلى ذلك الملك العزيز قد احتدت شوكته، واشتدت سطوته، وعظم سلطانه، كيف أغارت عليه الأيام زاريةً عليه محتقرة له تستذله استذلال الأرنب. أجلْ، إنكم لَتَفاضلون في الحياة نعمة وبؤساً، وإن أقداركم لتختلف رفعة وَضِعَةً، ولكنكم جميعاً إلى فناء، قد اختلفت إليه الطرق وتشعبت إليه المسالك. فلئن كان الفقر لا يميت الملوك وأصحاب النَّعمة والثراء، لقد جعل لها الدهر من غناها رصداً مهلكاً، ومن ثروتها علة مميتة؛ فهم كالزهرة النضرة، لا يذبلها وقع الأقدام، ولكن يذبلها شم الأنوف. فيم الطِّعان والضِّراب، وفيم الرِّماء والجلاد. إنما تقتلون أنفسكم في باطل، وتسفكون دماءكم في زور، ولكن، هل ينفعكم النصح، أم هل تفيدكم الموعظة؟ لقد اسودَّت قلوب، وضلت عقول، ولقد أصغى الحكيم إلى نداء الحق، وصَمَّ عنه الجاهل المغرور. ما الذي أعجبكم من الأيام فتهالكتم عليه؟ وما الذي راقكم من الحياة فتفانيتم فيه؟ إن الأيام لتسلك سبيلها إلى الفناء صُمّاً وعمياً، حتى ليكاد المقامر أن يكون أوثق منها بالربح وأضمن منها لإصابة الخير. لقد مضى صاحب تيماء، وبقيت تيماء بعده ناطقة بالعبرة والموعظة لو تسمعون أو تعقلون. لقد أَوْمَأَتْ إليكم الثريا واعظة، وأشارت إليكم ناصحة، ثم انقطع إيماؤها، وسكنت إشارتها. لقد أعجزت سرعتها سرعتكم، وأعيا جدُّها جدَّكم، وشهدت نجومها الستة بما أُغفلتم عنه من آية بينة. فعلت كل ذلك فلم يفهم عنها إلا الحكيم؛ على أنه لم يَعُدْ من فهمه وفقهه إلا بالحسرة والأسى. أسْهلوا أيها الناس فقد أحزنتم؛ وياسروا فقد عاسرتم، واعلموا أنكم في حكم الموت سواء، ليس لغنيكم على فقيركم فضيلة، ولا لأميركم من حقيركم مزيَّة، إنما هي طريق مسلوكة إلى الفناء، أشد وحشة من البيداء، وأكثر ظلمة من غبْر الفلا. ألا فليؤاسِ بعضكم بعضاً، لقد استويتم في الموت فلِمَ لا تستوون في الحياة، لِمَ أجد منكم في الحياة موسراً ومعسراً، ومُنعَّماً وبائساً، ألا فلتقتسموا تعب الحياة الفانية، كما اقتسمتم راحة الفناء المقيم. ** أما عن شهرة أبيات هذه اللزومية فلم نقف على ذكر لبيت من أبياتها فيما رجعنا إليه من المصادر، ماعدا البيت الثامن: أورده العبدري في رحلته. وَيُقالُ الكِرامُ قَولاً وَما في ال = عَصرِ إِلّا الشُخوصُ وَالأَسماءُ# قال: (وقد تعطل في هذا العصر موسم الأفاضل وتبدد في كل قطر نظام الفضائل، وتفرق أهلها أيادي سبا وصاروا حديثاً في الناس مستغرباً، فعادوا اسما بلا مسمى، وحرفاً ما دل على معنى، فالمحدث عنهم في مشرق أو مغرب، كالمحدث عن عنقاء مغرب، ولو طاب المورد لحصل الري: وقديماً قال أبو العلا المعري، ويقال الكرام قولاً وما في ال=أرض إلا الشخوص والأسماء# ....إلخ) وورد البيت ( 10 و 34 ) في مآخذ ابن العربي على البطليوسي ورد البطليوسي عليه في كتاب "رد الانتصار ممن عدل عن الاستبصار" تحقيق الدكتور حامد عبد المجيد ص 3 قال ابن السِّيد البطليوسي (444ـ521هـ ): ورأيناك لما وصلت إلى قوله: هذه الشهب خلتُها شَبكَ الدهـ=ـر لها فوق أهله إلماء# وقرأت تفسيرنا له فوجدتنا قد قلنا: إنه أراد أن الفَلك محيط بالخلق والخلق في قبضته لا يقدرون على الخروج منه، فكأنه لما فيه من النجوم المشتبكة شبكة أرسلها قانصٌ على صيد فهو يضطرب فيها ولا يقدر على التخلص منها. فحملك قلة التثبت على أن كتبت في الطرة: (هذا اللفظ لا يطلق إلا على الله تعالى) . ونسيت قول الله عزو جل: (يا معشر الجن والإنس إن استطتعم أن تنفذُوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسُلطانٍ) [الرحمن 55: 33] . فوصف تعالى أن الخلق في قبضة الفلك لا يقدرون على الخروج منه، فلم يزد الشاعر على معنى الآية أكثر من تشبيه الفلك بالشبكة. فإن أنكرتَ أن يكون الفَلك هو السماء بعينها أوجدناك. ذلك في العزيز، قال الله عزو جل من قائل: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا )[الفرقان 25: 61] . وقال تعالى: {ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا * وجعل القمر فيهن نورا وجع الشمس سراجا} [نوح 71: 15 - 16] وذكر في هاتين الآيتين العزيزتين أن الشمس والقمر في السماء. ثم قال في آية أخرى: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكلٌّ في فلك يسبحون] [يس 36: 40] فنتج من مجموع هذه الآيات أن الأفلاك هي السموات. ومن نوادر شرح البطليوسي ما خالف به في رواية البيت 34: أَو مَأَت لِلحَذّاءِ كَفُّ الثُرَيّا = ثُمَّ صُدَّ الحَديثُ وَالإيماءُ# فقد روى الحذاء بالدال الحدّاء وشرحه على ذلك وأورد عليه من الشواهد ما يرجح أن الصواب ما رواه، ولم ينبه د. طه حسين إلى هذا الخلاف، ولا نديم عدي ! وورد هذا البيت في كتاب (الانتصار ممن عدل عن الاستبصار) لابن السِّيد البطليوسي قال : ولما وصلت إلى قوله: أَو مَأَت لِلحَدَّاءِ كَفُّ الثُرَيّا####ثُمَّ صُدَّ الحَديثُ وَالإيماءُ ذكرت أنك رويته عن شيخك (أومأت للحوار). وما رويناه نحن عن شيوخنا إلا على ماذكرناه، ومعناه صحيح على ما قلناه =شرح ص57 من الانتصار=. (1)حرف الهمزة_ الهمزة المضمومة مع الميم والخفيف الأول: ص 51شرح نَديم عَدِي_ ج1/دار طلاس للدراسات/ط2. (2)فصل الهمزة_ الهمزة المضمومة مع الميم والخفيف الأول-أي ذو العروض الصحيحة وضربها مثلها- ص 119تأليف الدكتور طه حسين، إبراهيم الأبياري ج1/دار المعارف بمصر. (3)انظر خطيات اللزوم د(:12) هـ(:30)، و(1:25)، ز(1:30). وهنا خرم في نسخة (أ) إلى البيت الثامن.


الى صفحة القصيدة »»