البحث
  كل الكلمات
  العبارة كما هي
مجال البحث
بحث في القصائد
بحث في شروح الأبيات
بحث في الشعراء
القصائد
قائمة القصائد
مناسبة القصيدة : طربن لضوء البارق المتعالي


القصيدة الثامنة و الخمسون حسب شروح سقط الزند: ص1162/ عدد الأبيات(51) @ وقال ببغداد، من الطويل الثالث والقافية متواتر: البطليوسي: (وقال من سقط الزند وهو ببغداد يذكر حنينه إلى وطنه). وديباجه الخوارزمي كالتبريزي. القصيدة أكبر مفصل في تاريخ أبي العلاء، ولا نبالغ لو قلنا إنه على ضوئها يجب تقسيم حياة أبي العلاء فيقال: ما كتبه أبو العلاء قبل "طَرِبْنَ لضَوْءِ البَارِقِ المُتَعالي" وما كتبه بعدها، وقد تضمنت تاريخ كتابتها في رجب سنة 400هـ كما يفهم من البيت 32: دعا رَجَبٌ جَيْشَ الغَرامِ فأقبلَتْ= رِعالٌ تَرودُ الهَمَّ بَعْدَ رِعال# وكان في طريقه إلى معرة النعمان ليتفاجأ هناك بموت أمه قبل خروجه من بغداد، وبتبدد أملاكه وتجارته التي كان يديرها ابن خاله في حلب. وقد ذكر فجيعته بأمه وصدمته بانهيار ثرائه في أول قصيدة بعث بها إلى أصدقائه ببغداد بعدما وصل إلى المعرة وهو قوله في قصيدته "هات الحديث": أثارَني عنكُمُ أمْران والِدَةٌ = لم ألْقَها وثَراءٌ عاد مَسْفوتا# أحْياهُما الُله عَصْرَ البيْنِ ثمّ قَضَى= قَبْلَ الإياب إلى الذُّخْرَين أنْ مُوتا# لولا رَجاءُ لِقائِيها لَمَا تَبِعَتْ = عَنْسي دَليلاً كَسِرّ الغِمدِ إصْلِيتا# ولا صَحِبْتُ ذئابَ الإنسِ طاويةً = تُراقِبُ الجَدْيَ في الخضراء مَسبوتا# والقصيدة من جهة ثانية هي ثامن ما ورد في القسم الذي اصطلحنا على تسميته "غزليات أبي العلاء" انظر كلامنا عن هذا القسم في مقدمة القصيدة (51) وهي قصائد يرجح أن أبا العلاء كتب بعضها على لسان أصدقاء له سألوه في ذلك ولم يسم في هذه القصيدة اسم الحبيبة وإنما سمى بلادها: "السماوة" وجعلها بدر السماوة الذي يقابل بدر السماء وهو ما فعله أيضا في القصيدة اللاحقة فقال في البيت الرابع منها: وأهوَى لجَرّاكِ السّماوَةَ والقَطا= ولو أنّ صِنْفَيْهِ وُشاةٌ وعُذّال# ما يعني أن القصيدتين (58) و(59) يدوران في فلك واحد حول بدر السماوة. وفي كلام الشراح على الأبيات 32 حتى 41 وصف مطول لما كان يكابده أبو العلاء من شوقه لمحبوبته جَيْشَ الغَرامِ فأقبلَتْ= رِعالٌ تَرودُ الهَمَّ بَعْدَ رِعال# ونحيل القراء هنا إلى ما حكاه الشراح عن محبوبة أبي العلاء في شرحهم للبيت 34، وما بعده ولاحَ هِلالُ مِثلُ نُونٍ أجادَها = بجاري النَّضَارِ الكاتبُ ابنُ هِلال# فذَكّرَني بَدْرَ السّماوَةِ بادِناً = شَفا لاحَ مِن بَدرِ السَّماءةِ بال# وقد دَمِيَتْ خَمْسٌ لها عَنَمِيّةٌ = بإدْمانِها في الأزْمِ شوْكَ سِيال# بل قد يفهم من البيت 16 مراوغة شعرية في ذكر بلدة الحبيبة إذ يصف إبله فيقول: ستَنْسَى مِياهاً بالفَلاةِ نَمِيرَةً = كنِسْيانِها وِرْداً بعَيْنِ أثَال وعين أثال هي التي ذكرها أبو العلاء في "الصاهل والشاحج" أثناء حديثه عن الرضى بالقدر قال: (هذه "عين أثال وغمازة" لو شكتا ورد الوحش خبطهما بالحوافر، هل زوي عنهما ذلك بحيلة من البشر؟) قال الحازمي: وقد عرّف بخمسة مواضع تسمى أثال (وَأُثَال أَيضاً بالضم: ماء قريب من غُمازَة، وَغُمَازةُ عين ماء لقوم من تميم) أما ياقوت فعرّف بثمانية مواضع تسمى أثال. وفي "ضوء السقط" في شرح البيت: وعين أُثال: مشهورة يردها الوحش، والمعنى أن هذه الإبل ستنسى المياه النميرة التي تنجع في الشاربة كما نسيت شربها من عين أثال. قال الخوارزمي في شرح البيت: (وفي المصراع الثاني تصريح بأنه قد أقام زمناً بالبدو، حتى استعذبت ماء هذه العين إبلُه). ولم يحدد الحازمي ولا ياقوت مكان هذه العين، والأرجح أنها في قنسرين لأن المناظر المذكورة في البيت 19 بلدة من أعمال قنسرين بالقرب من الرصافة ذكرها ابن العديم في "بغية الطلب" وفي "ضوء السقط" المناظر بلدة في برية الشام: والبيت: تذَكّرْنَ مُرّاً بالمَناظِرِ آجِناً =عليه من الأرْطَى فُرُوعُ هَدال# يعني أن هذه الإبل كانت مع أبي العلاء في قنسرين. أما عن شهرة القصيدة فهي من مشهور شعر أبي العلاء وأول من استشهد بأبيات منها ابن رشيق القيرواني وهو من معاصري أبي العلاء مولده عام 390هـ 999م ووفاته عام 456هـ 1070 (انظر في هذا الموقع صفحة بعنوان: أبو العلاء في قراضة الذهب لابن رشيق) وقد استشهد بالأبيات (23،22،21). في باب توارد الخواطر والتشارك في المعاني (ص 96) قال: صنع بشار في أبيات عن لسان حمارٍ مات له وزعم أنه أنشده إياها في النوم وأن موته إنما كان من عشق حمارة : ولها خَذَّ أسيلُ =مِثْلُ خَدِّ الشَّيقران# فقال محمد بن حجاج : ما الشيقران يا أبا معاذ ؟ قال : هذا من غريب الحمار فإذا لقيته فأسأله عنه ، أخذه المعري وزاد فيه فحسنه فقال يذكر إبلا : تَلَوْن زبوراً في الحنين منزلاً =عليهنَّ فيه الصَّبرُ غَيْرُ حَلاَلً# وأنشدن من شعر المطايا قصيدةً =فأودعْتَها في الشَّوْقِ كُلُّ مقال# أمِنْ قيلِ عَوْدٍ رازمٍ أو روايةٍ =أتتهُنَّ مِنْ عَمَّ لَهُنَّ وخَالِ# فقد صار المزح جداً ، وخرج عن بابه الأول ، حتى جل قدره ، وعظمت فائدته ، وكان أوله هزلاً ، يقول أنه أخذه من قول الأول : فغنِّها وهي لك الفداءُ = إن غناءَ الإبلِ الحُداءُ# ...) وتلاه ابن سنان الخفاجي (ت 466هـ) وهو من تلاميذ أبي العلاء وقد استشهد في كتابه "سر الفصاحة" في باب الطباق بالبيت (47) قال: وقال أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان فيا قرأنا عليه: ومن دونها يوم من الشمس عاطل = وليل بأطراف الأسنة حال# وتلاه ابن بسام (ت 542) فذكر ثلاثة أبيات منها في موضعين من الذخيرة الأول في الفصل الذي ترجم في لأبي بكر يحيى بن بقي تعليقا على بيت لأبي بكر يصف فيه حمامة وهو قوله: تتغنى الثقيل حتى كأن قد =نشر الله معبداً من رميم# عجمة أعربت بوجدٍ دقيقٍ = وكلام مقطع من كلوم# قال ابن بسام: لو لم يتجاوز معبد الثقيل إلى سواه، لكان لأبي بكر ما ادعاه، وقرب منه ما تكلفه وتعاطاه، وأسحر منه وأولى بالحكمة وفصل الخطاب، أبو العلاء حيث يقول، يصف الإبل: كأن المثاني والمثالث بالضحى = تجاوب في غيد رفعن طوال# كأن ثقيلاً أولاً تزدهي به = ضمائر قوم في الخطوب ثقال# والموضع الثاني في الفصل الذي ترجم فيه لابن صارة الشنتريني تعقيبا على قوله: لابد أن يقع المطلوب في شركي = ولو بنى وكره في دارة القمر# قوله: "ولو بنى في داره القمر" من قول المعري: ولو أنني في هالة البدر قاعد = لما هاب يومي رفعتي وجلالي# وهو آخر أبيات هذه القصيدة ثم بعد ابن بسام أسامة بن منقذ (ت 584هـ) في "المنازل والديار" وقد أورد ثلاثة أبيات من القصيدة هي على ترتيبه الأبيات (30، 31، 27) بخلاف بعض ألفاظ الديوان قال: وقال أبو العلاء فيا بَرْق ليس الكَرْخُ داري وإنما = رَماني إليه الدهرُ مُنْذُ لَيال# فهل فيكَ من ماء المَعَرّةِ قَطْرَةٌ = تُروّي بها ظَمآنَ ليسَ بسال# فليْتَ سَنيراً بانَ منه لصُحْبَتي= بِرَوْقَيْ غَزالٍ مثلُ قرْنِ غَزال# والبيتان (30، 31) ذكرهما ياقوت في مادة "معرة النعمان" في معجم الأدباء قال: ومنها كان أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري القائل. فيا بَرقُ ليس الكرخُ داري وإنما = رماني إليها الدهرُ منذ ليال# فهل فيك من ماء المعرة قطرة = تُغيث بها ظمآنَ ليس بسالِ# ولم يترجم لأبي العلاء فيها وإنما ترجم للقاضي أبي القاسم التنوخي المعري (ت 419) وهو غير أبي القاسم التنوخي صديق أبي العلاء (انظر ما حكيناه عنه في ترجمة حفيده أبي يعلى ابن أبي الحصين التنوخي) وروى ابن العديم الأبيات الستة الأولى منها في "بغية الطلب" في فصل بعنوان "باب في ذكر قويق نهر حلب" فأورد ستة أبيات من هذه القصيدة وستة أبيات من القصيدة التي كتب بها إلى ابن جلبات المعري وفيها:. ونكب إلاّ عن قويق كأنه =يظن سواه زائداً في أوامه# بعيس تقضي الدهر جرياً كأنها = مفتشة أحشاءه عن كرامه# قال: وأنشدنا الحسن بن عمر وقال: أنشدنا أبو الفضل الخطيب قال: أنشدنا أبو زكريا التبريزي في كتابه قال: أنشدنا أبو العلاء المعري لنفسه، وقالها وهو ببغداد (ثم أورد الأبيات). طربن لضوء البارق المُتعالي = ببغداد وهناً مالهنّ ومالي والأبيات الستة نفسها أوردها ابن أبي الحديد (ت 656هـ) في نهج البلاغة لما حكى قصة عمرو بن يربوع الذي تزوج من جنية وهو المذكور في البيت الخامس: إذا لاح إيماض سترت وجوهها = كأني عمرو والمطي سعالي# قال: وقالوا: إن عمرو بن يربوع تزوج الغول وأولدها بنين، ومكثت عنده دهراً، فكانت تقول له: إذا لاح البرق من جهة بلادي- وهي جهة كذا- فاستره عني، فإني إن لم تستره عني تركت ولدك عليك، وطرت إلى بلاد قومي، فكان عمرو بن يربوع كلما برق البرق غطى وجهها بردائه فلا تبصره، وإلى هذا المعنى أشار أبو العلاء المعري في قوله يذكر الإبل وحنينها إلى البرق (ثم أورد الأبيات) ثم قال:: قالوا: فغفل عمرو بن يربوع عنها ليلة وقد لمع البرق فلم يستر وجهها، فطارت وقالت له وهي تطير أمسك بنيك عمرو إني آبق= برق على أرض السعالي الق# ومنهم من يقول: ركبت بعيراً وطارت عليه- أي أسرعت- فلم يدركها. وعن هذا قال الشاعر: رأى برقاً فأوضع فوق بكر = فلا بك ما أسال! ولا اغاما قال: فبنو عمرو بن يربوع إلى اليوم يدعون بني السعلاة، ولذلك قال الشاعر يهجوهم: يا قبح الله بني السعلاة عمرو بن يربوع شرار النار ليسوا بأبطال ولا اكيات فأبدل السين تاء، وهي لغة قوم من العرب وأورد ياقوت خمسة أبيات من القصيدة في ترجمته للخطاط علي بن هلال المشهور بابن البواب والمذكور في البيت (34) من القصيدة: ولاحَ هِلالُ مِثلُ نُونٍ أجادَها = بجاري النَّضَارِ الكاتبُ ابنُ هِلال# ثم حكى قصة عمرو الذي تزوج من السعلاة وسماه قال: ولد (عمرو بن تميم بن مر بن أد بن طابخة العنبر والهجيم ومازن، تقول العرب إن هؤلاء الأخوة الثلاثة أمهم السعلاة وهي الغولة، ...إلخ) والبيت الأول ذكره ابن أبي الإصبع (ت 654هـ) في "تحرير التحبير" في باب "حسن الابتداءات" قال: وأكثر ابتداءات أبي العلاء المعري تأتي على سنن الصواب، كقوله: بسيط يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر = لعل بالجزع أعوانا على السهر وكقوله طويل: طربن لضوء البارق المتعالي = ببغداد وهناً ما لهن ومالي# وقوله طويل: مغاني اللوى من شخصك اليوم أطلال= وفي النوم مغنى من خيالك محلال# وكقوله خفيف: غير مجد في ملتي واعتقادي = نوح باك ولا ترنم شاد# والبيت الرابع استشهد به الحميري في "الروض المعطار" مادة (الصراة) كما استشهد بالأبيات (39، 40، 41) في مادة أوال نكتفيهنا بما حكاه في مادة الصراة قال: الصراة: نهر ينشعب من الفرات ويجري إلى بغداد، ويقال: الصرا، بلا هاء أيضاً، لأنه صري عن الفرات، أي: قطع. وقيل هو مجتمع دجلة والفرات وعليه دل قول أبي العلاء المعري يذم إبلاً له: تمنت قويقاً، والصراة حيالها = تراب لها من أينق وجمال قويق: نهر حلب، وهو صغير، فدعا عليها حين آثرت قويقاً على الصراة جهلاً منها. والبيت الخامس تمثل به يحيى بن المطهر (ت 1268هـ 1852م) في "بلغة المرام" وهي رحلته إلى الحج والبيت السابع استشهد به صاحب "الإيضاح في شرح أبيات الإيضاح" في تفسير معنى عقر الإبل وعرقبتها ولولا حِفاظي قلتُ للمَرْءِ صاحبي= بسَيْفِكَ قيّدْها فلستُ أُبالي# قال: فجعل عرقبتها تقييدا وجعل السيف قيدها. **** وورد البيت (7و34و35 ) في مآخذ ابن العربي على البطليوسي ورد البطليوسي عليه في كتاب " الانتصار ممن عدل عن الاستبصار" تحقيق الدكتور حامد عبد المجيد قال ابن السِّيد البطليوسي (444ـ521هـ ): ووجدنا من لحنك وتصحيفك أنك لما وصلت إلى قول المعري: وَلَولا حِفَاظِي قُلتُ للمرءِ صاحِبي = بِسيفِكَ قَيّدها فلستُ أُبالي# أنكرت قولنا وكتبت في الطرة: قولُ ابن مقبل اقعَدُ به: يا صاحبيَّ على ثاد سبيلَكما= علما يقينا ألمَّا تعلما خَبرِي# إني أقيِّد بالمأثور رَاحِلتي= ولا أبالي لو كنا على سَفِر# فاستطرفنا ما كتبته جدا، لأنك أردت أن تخطئنا من وجه واحد فأخطأت أنت من أربعة أوجه: أحدها: أنك كتبت "ثأد" بدال غير معجمة، وهمزت الألف، وإنما هو "ثاج" - بالجيم غير مهموز، وهو ماء لخثعم. وفيه يقول الشاعر: يا دار عمرة بالخبتين من ثاج =سقيت أخلاف هامي الودق ثجاج والوجه الثاني: أنك كتبت "يا صاحبي" وإنما هو "يا جارتي"، كذا في شعر ابن مقبل. ويدل على صحة ذلك قوله قبل البيت: قالت سُليمي ببطن القاع من سُرُحٍ= لا خير في العيش بعد الشيب والكبر# واستهزأت تربُها مني فقلت لها = ماذا تَعيبان مني يا ابنتي عَصر# لولا الحياء وباقي الدِّين عبتكما= ببعض ما فيكما إذ عِبتما عَوري# ما أنتما والذي خالت حلومكما = إلا كحيران إذ يسري بلا قمر# ثم قال: يا جارتيَّ، وعنى بالجارتين سُليمي وتربَها المتقدمتي الذكر. والوجه الثالث: أنك كتبت: "ولو كنا على سفري"؛ فأثبت ياء بعد الراء وكأنك توهَّمت أنه أضاف السفر إلى نفسه، وتأنقت في تعريق الياء غاية التأنق ليتحقق خطؤك غاية التحقق. وليس بعد هذه الراء إلا ياء الإطلاق، وهي ياء تزاد بعد حرف الرَّوي للترنم إذا كان مكسورا، كما تزاد بعده واو إذا كان مضموما وألف إذا كان مفتوحا. ولا تصور في الخط من هذه الأحرف الثلاثة إلا الألف وحدها، وسبيلها سبيل التنوين، نحو قول جرير: أقلِّي اللوم عاذل والعتابا=وقولي إن أصبت لقد أصابا# والوجه الرابع: أنك مثَّلت معنى بيت أبي العلاء "أقعد" بمعنى بيت ابن مقبل. وهو لا يشبه إلا في ذكر التقييد بالسيف لا غير؛ لأن ابن مقبل أراد أن يعرقبها للأضياف جودا وكرما، وأراد المعري عرقبتها ضجرا من نزاعها إلى أوطانها وتبرُّما. وإن غلطك في هذا لعجيب، لأن الشعر يدل على ما قلناه دلالةً لا تخفى على متأمل. وكذلك رأيناك لما وصلت إلى قول المعري: ولاحَ هلالٌ مثلُ نونٍ أجادَها=بجارِي النّضارِ الكاتبُ ابنُ هِلالِ# كتبت في الطرة: (أخبرني من أوثّقه أنه قام بضرب على الواو من خط ابن مقلة خمسة وعشرين سنة) فأثبت في خمسةٍ تاء التأنيث والسنة مؤنثة وهذا لحن قبيح. ورأيناك - أعز الله - لما انتهى بك النظر إلى قوله: فذكَّرني بدرُ السَّماوة بادناً =شَفاً لاحَ من بدر السماوةِ بالِ# انكرت "السَّماوة" الثانية، وكتبت: "السماءة" - بالهمز - فلم أنكرتها علينا؟ أحسبت أنها لا تقال أم حسبت أنها أليق بالبيت؟ وكلا الأمرين لنا الظهور عليك؛ لأن أهل اللغة حكوا أنه يقال: سَماء وسَماءة - بالهمز - وسَماوة ، وسَماة على وزن "قطاة". فمن قال: سماءة فهمز بناها على سماء كما همزت السماء. ومن قال: سماوة - بالواو - بناها على الفعل الذي هو سما يسمو. وهذا كما يقال: امرأة سقَّاءة و امرأة سقاية. فمن همز ها بناها على سقاء ومن لم يهمز بناها على سقيت، فهذا ما فيها من طريق اللغة. وأما من طريق الترجيح بين اللفظتيبن؛ فإن السماوة أحسن لوجهين: أحدهما: أنه أفصح اللغتين، لأنها أكثر استعمالا، وأوسع مجالا. ويدل على ذلك أنهم قالوا في الجمع: سماوات، وبذلك قرأ القراء ولا يكادون يقولون: سماءات. والوجه الثاني: أنها أليق بالبيت لما تقدم في صدره من ذكر السماوة الأخرى، فأفسدت على الرجل التجنيس الذي جرى إليه، وحام فكره عليه. فما هذا الخلاف والعناد؟ ! وأين النظر الحسن والانتقاد؟.


الى صفحة القصيدة »»