البحث
  كل الكلمات
  العبارة كما هي
مجال البحث
بحث في القصائد
بحث في شروح الأبيات
بحث في الشعراء
القصائد
قائمة القصائد
مناسبة القصيدة : غدوت مريض العقل والدين فالقني


اللزومية التاسعة بعد الثلاثمائة: وهي ثاني أخطر لزوميات أبي العلاء بعد الهائية التي يقول فيها: حَسِبتُم يا بَني حَوّاءَ شَيئاً= فَجاءَكُمُ الَّذي لَم تَحسَبوهُ# بل هي أخطر من الهائية، لأن الهائية لم تحرك ساكنا وأما هذه فقد أقامت القيامة على ابي العلاء في عصره كما سيأتي ، إذ لم يكتف فيها بالتصريح بتحريم ما تحرمه البرهمية بل أتبع ذلك بما يتجاوزإعلان مارتن لوثر بما خرج به على الكنيسة وفيها قوله: بَني زَمني هَل تَعلَمونَ سَرائِراً =عَلِمتُ وَلَكِنّي بِها غَيرُ بائِحِ# مَتّى ماكَشَفتُم عَن حَقائِقِ دينِكُم = تَكَشَّفْتُمُ عَن مُخزَياتِ الفَضائِحِ# فجعل ما يعتقده الناس حفنة من الفضائح بل من الفضائح المخزية، إلا أنه مات ولم يصرح بتلك السرائر التي عرفها وقد قال في لزومية أخرى: لَو اِتَّبَعوني وَيحَهُم لَهَدَيتُهُم = إِلى الحَقِّ أَو نَهجٍ لِذاكَ مُقارِبِ# فَما لِلفَتى إِلّا اِنفِرادٌ وَوَحدَةٌ = إِذا هُوَ لَم يُرزَق بُلوغَ المَآرِبِ# وهو يخاطب فيها المسلمين والنصارى على السواء لانه اعلن فيها مذهبه في الرهبانية وأثنى في البيت (13) على رهبانية النصارى لولا أكلهم كدّ الناس: وَيُعجِبُني دَأبُ الَّذينَ تَرَهَّبوا = سِوى أَكلِهِم كَدَّ النُفوسِ الشَحائِحِ# ونصحهم أن يقتدوا بالسيد المسيح: فَما حَبَسَ النَفسَ المَسيحُ تَعَبُّداً= وَلَكِن مَشى في الأَرضِ مِشيَةَ سائِحِ# وقد مسح يده كما يقول من كل ما يؤذي الحيوان في أولاده: مَسَحْتُ يَدَي مِن كُلِّ هَذا فَلَيتَني=أَبَهتُ لِشَأني قَبلَ شَيبِ المَسائِحِ# وقد استخدم فعل (مسح) في البيت ولم يقل (غسلت) لأنه في صدد الحديث عن المسيح ورهبانه. وانظر ما حكيناه أيضا حول رهبانيته في شرح البيت الرابع وفيها أيضا دعوته إلى (اللاعنف) في البيت 12 : فَإِن تَرشُدوا لا تَخضِبوا السَيفَ مِن دَمٍ=وَلا تُلزِموا الأَميالَ سَبرَ الجَرائِحِ# وهي دعوة منثورة في كثير من اللزوميات أهمها قوله: إِذا الإِنسانُ كَفَّ الشَرَّ عَنّي=فَسُقياً في الحَياةِ لَهُ وَرَعيا# وَيَدرُسُ إِن أَرادَ كِتابَ موسى=وَيُضمِرُ إِن أَحَبَّ وَلاءَ شَعيا# وقوله: فَإِن تَترُكوا المَوتَ الطَبيعيَّ يَأتِكُم = وَلَم تَستَعينوا لا حُساماً وَلا خِرصَا# وَكانَ لَكُم حِرصٌ عَلى العَيشِ بَيِّنٌ=فَما لَكُمُ حُمتُم عَلى ضِدِّهِ حِرصا# وكل كلامنا على هذه اللزومية ينطبق على الأبيات الخمسة عشرة الأولى وما تبقى فهي أبيات عابرة لا وزن لها أمام هذه الأبيات. (وهي اللزومية التاسعة عشرة بقافية الحاء / عدد أبياتها 23) (بحر الطويل): تحريم أكل الحيوان : وقال أيضاً في الحاء المكسورة مع الهمزة التي تصور ياء: ص376- شرح نَديم عَدِي_ ج1/دار طلاس للدراسات/ط2. وعلق الخانجي بهامش على القصيدة قال: هذه القصيدة من وحدات المعري التي واخذه عليها معاصروه فقد ضمنها كما ترى مذهب البراهمة القائلين بتحريم الحيوان وأربى عليهم وكان سامحه الله يرى ذلك دينا مضى عليه شطر عمره الأخير وقضى نحبه وهو مصر على ذلك وقد ناظره على هذه العقيدة ابن أبي عمران داعي الدعاة إذ ذاك بمصر في عدة رسائل دارت بينهما حاول فيها الشيخ أن يتملص من الإقرار والإنكار لمكانة مناظره فوصلت الرسالة الأخيرة والشيخ كان في رمسه وهو مصر على همسه وسأذكر في ترجمته طرفا منها إن شاء الله تعالى. ******************** سنعتمد في شرح ما تبقى من اللزوميات شرح د. حسين نصار الذي أصدره (مركز تحقيق التراث الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة، مصر 1992م ، عدد الأجزاء (3) عدد الصفحات (1397) تحقيق سيدة حامد، منير المدني، زينب القوصي، وفاء الأعصر إشراف ومراجعة الدكتور حسين نصار) مع إضافة شرح أمين عبد العزيز الخانجي (طبعة مكتبة الخانجي، القاهرة بمقدمة الأستاذ كامل كيلاني، ومراعاة الرموز (هـ) هامش النسخة الهندية، و(م هـ ) متن الهندية، و(م) شرح النسخة المصرية. وكذلك شرح عزيز أفندي زند مدير جريدة المحروسة ومحررها طبع بمطبعة المحروسة بمصر سنة 1891م، آخذين بعين الاعتبار المحافظة على ما وصلنا من شرح البطليوسي وكنا قد اعتمدنا سابقا نشرة د طه حسين وإبراهيم الأبياري حتى اللزومية ٧٥ وهي آخر ما نشر من شرحهما للزوميات ((ورأينا اعتبارا من اللزومية 113 أن نلم ببعض ما انفرد به الشيخ أحمد بن إسماعيل الفحماوي (ت 1307هـ) في نسخه وهو وراق متأخر كان يتعيش بنسخ اللزوميات وبيعها. وتعج نسخة الفحماوي هذه بحواش وتعليقات نقلها الدكتور حسين نصار برمتها في نشرته في كل شروحه سواء أشار إلى ذلك أم لا ولا ندري كيف نلتمس له العذر على أنه لم يصرح في المقدمة أنه اعتمد نسخة الفحماوي بل لم يذكر نسخة الفحماوي في كل مقدمته ولا تفسير لذلك سوى الفوضى التي خلفتها أقلام فريق العمل الذي كان يشرف عليه وقد استنفد الفحماوي خياله الفني في ابتكار صور حواشيه فهذه بصورة زورق وأخرى في هيئة جمل قاعد وأخرى صور أمواج أو سارية قامت على هامش الصفحة وتضمنت شروح كل الأبيات مضفورة كضفائر السواري ونأمل أن نجد فرصة لاحقا لإعادة نشرها في موقعنا ' بحيث تكون كل صفحة في مكانها من اللزوميات وكل ما يذكره نصار في شرحه للأبيات هو كلام الفحماوي والحق أن يرد الحق إلى أهله. وذكره أحمد تيمور باشا في كتابه عن ابي العلاء فقال أثناء تعريفه باللزوميات: "وكان الأديب الفاضل الشيخ أحمد الفحماوي النابلسي، نزيل مصر رحمه الله تعالى، مشتهِرًا بكتابة نسخ من هذا الكتاب، يتحرى فيها الصحة، ويطرزها بالحواشي المفيدة، ثم يبيع النسخة بعشرين دينارًا مصريًّا، فيتنافس في اقتنائها أعيان مصر وسراتها، وعندي منها نسختان" انتهى كلام تيمور باشا وفي أخبار الفحماوي أنه قام بطبع اللزوميات لأول مرة في مصر على الحجر في مطبعة كاستلي التي كان يعمل فيها وهي أشهر مطبعة وقتها بعد مطبعة بولاق (ولم نتوصل حتى الآن إلى هذه الطبعة ولا نعرف تاريخها) والنسخة التي سنعتمدها هي النسخة التي تحتفظ بها دار الكتب المصرية برقم 72 شعر تيمور وتقع في 448 ورقة.)) ونشير اعتبارا من اللزومية 391 إلى ما حكيناه في مقدمة اللزومية 390 عن اكتشاف نسخة من ديوان ابن حزم تضمنت قطعة من لزوميات أبي العلاء وقع فيها خلاف في ألفاظ كثيرة وزيادة على أبيات اللزوميات وكلها تنحصر في حرفي الدال والراء ( والله الموفق). أما عن شهرة أبيات هذه اللزومية فهي من أشهر لزوميات أبي العلاء وقد أثار بها زوبعة سارت إلى العراق ومصر ومختلف بلاد الشام، ويبدو هذا جليا من ترجمة الصفدي له في الوافي، فقد استشهد فيها بالأبيات (1-2-4-5) ولخص ما حكاه المؤرخون حول ما جرى بسببها بينه وبين داعي الدعاة قال: ولما وقف داعي الدعاة أبو نصر هبة الله بن موسى أبي عمران بمصر على قوله: غدوت مريض العقل والرأي فالقني = لتخبر أنباء العقول الصحائح# فلا تأكلن ما أخرج الماء ظالماً =ولا تبغ قوتاً من غريض الذبائح# ولا تفجعنّ الطير وهي غوافلٌ =بما وضعت فالظلم شر القبائح# ودع ضرب النحل الذي بكرت له= كواسب من أزهار نبتٍ فوائح# كتب إليه يقول: أنا ذلك المريض عقلاً ورأياً وقد أتيتك مستشفياً فاشفني. وجرت بينهما مكاتبات كثيرة من أسولةٍ وأجوبة انقطع الخطاب بينهما على المساكتة وقد سردها مُلخِّصاً الغرضَ منها ياقوتُ في "معجم الأدباء". وذكر ابن العديم في كتاب (بغية الطلب) البيت الأول فقال: وقد نسج أبو يعلى ابن الهبارية على منوال غرس النعمة من غير فكر ولا روية، فقال في كتابه الموسوم بفلك المعاني المشحون بقول الزور فيما ينقله ويعاني: وقد قال أبو العلاء أحمد بن سليمان مع تحذلقه ودعواه الطويلة العريضة وشهرته نفسه بالحكمة ومظاهرته: ونهيت عن قتل النفوس تعمداً =وبعثت تقبضها مع الملكين# وزعمت أنّك في المعاد تعيدها =ما كان أغناها عن الحالين# قال ابن الهبارية: وهذا كلام مجنون معتوه يعتقد أن القتل كالموت، والموت، كالقتل، فليت هذا الجاهل الذي حرم الشرع وبرده، والحق وحلاوته، والهدى ونوره، واليقين وراحته، لم يذع ما هو برىء منه بعيد عنه ولم يقل: غدوت مريض العقل والرأي فأتني = لتخبر أنباء الأمور الصحائح# حتى سلط الله عليه أبا نصر ابن أبي عمران داعي الدعاة بمصر، فقال: أنا ذلك المريض رأياً وعقلاً، وقد أتيتك مستشفياً فاشفني، وجرت بينهما مكاتبات كثيرة، وأمر باحضاره حلب، ووعده على الإسلام خيراً من بيت المال، فلما علم أبو العلاء أنه يحمل للقتل أوالإسلام سم نفسه فمات. وابن الهبارية لا يُعتَمَدُ على ما ينقله، وأبو نصر بن أبي عمران هو هبة الله ابن موسى، المؤيد في الدين، وكان اجتمع بأبي العلاء بمعرة النعمان، وذكرنا فيما نقله ابن الزبير باسناده أنه كانت بينه وبين أبي العلاء صداقة ومراسلة، وذكر حكايته معه. كذلك أورد الحموي في (معجم الأدباء) البيت الأول ضمن ترجمة المعري.


الى صفحة القصيدة »»